بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 24 مايو 2013

قبسات من حياة العلامة ادييج الكمليلي


بقلم الأستاذ: الشيخ أحمد سالم بن أحمدو بن بيي، الملقب: "آشاه"

مقدمة:
إن الحديث عن علم من الأعلام أو التعرض لجانب من جوانب شخصيته بالبحث والدراسة يعتبر من أشق المسائل وخاصة إذا كان القائم بهذه المهمة يفتقر إلى الوسائل المعينة على الكتابة في هذا الميدان.
وتزداد المهمة صعوبة عندما يكون موضوع البحث رجلا امتاز بسعة معارفه وجرأته على مناقشة العلماء في عصره من باب الدفاع عن آرائه ومواقفه.
يتعلق الأمر بالعلامة أدييج بن عبد الله المعروف بـ"ادييج الكمليلي".
وأشير في البداية إلى أني قد اعتمدت في إنجاز معظم هذا البحث على ما تضمنته رسالة تخرج من إعداد أخينا الفاضل الأستاذ: ابوه بن محمدن بن بلبلاه، كان قد تقدم بها لنيل شهادة الإجازة "المتريز" في اللغة والآداب من جامعة انواكشوط سنة: 1986م (موضوعها: تحقيق كتاب: "المرعي من السعدان في ردجيم السودان" للعلامة ادييج الكمليلي) وتوجد منها نسخة ضمن مكتبة الشيخ أحمد دين بن الشيخ المستعين رحمه الله.

1ـ مولده ونسبه:
هو ادييج بن عبد الله بن حبيب الله بن بيذك بن المختار بن ادييج بن محمد الملقب: "اجفغ" بن يحي بن شمس الدين بن محمد بن إبراهيم بن شمس الدين بن يحي الكبير القلقمي بن محمد بن عثمان بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن أران بن أتلان بن اجملان ابن إبراهيم بن عثمان بن إسماعيل بن عبد الوهاب بن يوسف بن عمر بن يحي بن عبد الله بن أحمد بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن
عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن الإمام علي كرم الله وجهه، وابن بضعة الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ولد ادييج في الجهة الغربية من اترارزة قرب مصب نهر السنغال في حدود سنة: 1170هـــ/1757م.
ولئن لم تشر المصادر التي ترجمت له إلى المحاظر التي درس فيها فإنه من المؤكد أنه تردد على محاظر إدابلحسن ودرس في محظرتين منها هما:
ـ محظرة ألفغ الحبيب بن عمر، ولم تعرف مدة إقامته فيها ولا العلوم التي درس بها.
ـ محظرة محمذ بن عبد الرحمن، ولا يستبعد أن يكون درس فيها اللغة والشعر لأن هاتين المادتين هما أساس ما تدرسه.
ولقد أجمعت كل المصادر التي ترجمت للعلامة ادييج الكمليلي أنه كان صاحب ثقافة موسوعية، متقنا علوم عصره؛ مما خوله المشاركة في النقاشات الفكرية والصوفية والفقهية التي دارت في زمنه.
فقد كان العصر متميزا بكثير من الصراعات الفكرية الناشئة عن تعايش مجموعة من المذاهب والمشارب المختلفة، منها: الأصولي السلفي، ومنها الفروعي الخليلي، والمتصوف الطرقي.
ولقد ذكر صاحب "الوسيط" في ترجمته له: «أنه عالم كبير ولغوي شهير، اشتهر في الفقه والبيان والعروض والنحو، وكان شاعرا مجيدا»( ). مما يدل على تعمق في الدراسة، وإلمام بكل فروع الثقافة العربية الإسلامية، ولا غرابة «فهو العلامة المتفنن والمؤلف والشاعر المفلق»( ).
2ـ علاقة ادييج بعلماء عصره:
عاصر ادييج جيلا من أكابر علماء البلد، ربطته بهم علاقات علمية وثقافية واسعة، نذكر من هؤلاء العلماء الأجلاء والمشايخ الكبار:
ـ حمدي بن الطالب أجود.
ـ احمد بن العاقل.
ـ حرمه بن عبد الجليل.
ـ مولود بن أحمد الجواد.
ـ اجدود بن اكتوشن.
ـ سيد عبد الله بن أحمد دام.
ـ محنض باب بن اعبيد.
ـ سيد محمد بن حبت.
ـ البخاري بن الفلالي.
ـ سيد محمد بن محمد الصغير المعروف بـ"ابن انبوج".
ـ محمدي بن سيد عبد الله.
ـ اعبيد بن انبوج... وغيرهم.
ويتضح لمن تتبع حياة العلامة ادييج الكمليلي أنه كان يتمتع بثقافة واسعة، وبقدرة على النقاش والمجادلة لا تعرف حدا.
إضافة إلى أنه كان يعد من العلماء القلائل الذين استطاعوا التعبير عن آرائهم ومواقفهم بصراحة بالغة وجرأة فائقة في عصر كان يشهد الكثير من التحولات الفكرية كما أسلفنا.
ولقد ظل قائما على التدريس بمحظرته المتنقلة في حيه البدوي (الذي كان يتتبع نقاط النجعة من منطقة "تَوْخْ" جنوب نهر السنغال نحو الشمال والعكس) إلى أن توفي رحمه الله سنة: 1270هـ/1853م ودفن بمقبرة: "بيتي" الواقعة غرب تكماطين التابعة لمقاطعة كرمسين (على الطريق الرابط بين روصو وانواكشوط).
3ـ آثاره:
لقد ترك العلامة ادييج الكمليلي ثروة علمية متنوعة ضاع الكثير منها مع الأسف.
أـ في الفقه:
ـ مقتبس الأوائل في جهة القبلة والدلائل.
ـ مبلغ المرام في العلم بالحلال والحرام.
ـ مكتوب في مراجع الأحباس.
ب ـ في اللغة:
ـ نزهة الظريف والمولع بفن التصريف.
ـ المرعي من السعدان في رد جيم السودان.
ـ عمدة الأديب في صنعة القريض والنسيب.
ـ موضح الخوافي من علمي العروض والقوافي.
ج ـ ـ إضافة إلى مجموعة أخرى من المؤلفات المختلفة من بينها:
ـ شرح لإضاءة الدجنة.
ـ منظومة في علم التوحيد.
ـ نصيحة في الدين لكل فتى فطين.
ـ منظومة في الاستشفاء من جميع الأمراض.
ـ رسالة في علم الفلك.
ـ رسالة في الرد على مكفري بني حسان.
كما ترك ديوانا شعريا يطغى عليه غرض النقائض والمساجلات.
خاتمة:
لا يسعني في خاتمة هذا البحث المتواضع إلا أن أشير إلى المكانة المرموقة التي ظل يحظى بها العلامة ادييج عند الأمراء والوجهاء.
فقد استطاع بحكم شخصيته العلمية والاجتماعية الفذة أن يخطف الأضواء ويستقطب اهتمام القائمين على الشأن السياسي في زمنه، حيث تذكر بعض المصادر أنه كان أحد كتاب أمير اترارزة اعمر بن المختار بن الشرغي
(ت: 1245هـ/1828) ذلك ما تؤكده وثيقة مكتوبة بتاريخ: 9 ربيع الثاني عام: 1236هـ/1820م وهي موجهة إلى السلطات الاستعمارية الفرنسية في السنغال كتبها ادييج الكمليلي باسم الأمير اعمر بن المختار، وهي تتعلق بأخذ الأتاوات على مزارعي شمامه.

ليست هناك تعليقات: